السينما السورية في عين التطور

بدايات السينما السورية وتطورها

سبقت سورية كثيراً من دول العالم في التعامل مع فن السينما، عروضاً وإنتاجاً. وكان لها بهذا دور ريادي. فقد شهد الجمهور في سورية عروضاً سينمائية في مدينة حلب عام 1908، عندما جاء المدينة جماعة من الأجانب عن طريق تركيا، وعرضت الصور المتحركة بوساطة آلة متنقلة تتحرك فيها الصور أفقياً، علماً أن العرض السينمائي الأول في العالم أقيم في باريس في عام 1895.

كانت البداية الرسمية للعروض السينمائية في سورية في عام 1912 في دمشق، وفي مقهى بساحة المرجة يمتلكه حبيب الشماس، إذ عُرضت صور متحركة بآلة كانت تدار باليد، وكان الضوء فيها يتولد من مصباح يعمل بغاز الإسيتيلين. واستخدمت بعد ذلك صالات للعروض السينمائية احترق بعضها في البداية لعدم توفر الخبرة الفنية في استخدام آلات العرض. وكان من الصالات التي أنشئت للعرض السينمائي في دمشق صالة (جناق قلعة) عام 1919، وصالة (زهرة دمشق)، وصالة (الإصلاح خانة)، و(سينما النصر). وكانت هذه الصالات تعرض أفلاماً أمريكية وفرنسية.

ثم تتالى افتتاح صالات أخرى في دمشق بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى مثل: صالة (الكوزموغراف) التي صارت لاحقاً (سينما أمية)، ودار سينما (جنينة الأفندي)، وصالة (اللونا بارك)، وسينما الرشيد الصيفي، قبل أن تبدأ مرحلة دور السينما الحديثة التي بدأت تعرض الأفلام الناطقة. وفي حلب أقيمت في المدة ذاتها دور عدة للعرض السينمائي وهي: (كوزموغراف)، و(الاتحاد والترقي)، و(باتيه) Pathé و(رويال).

 

وكان أول من أدخل السينما الناطقة إلى دور العرض الشركاء شماس وقطان وحداد، وذلك في ملهى العباسية عام 1934.

 

سجل عام 1928 ولادة أول إنتاج سينمائي روائي سوري، وكان فيلم «المتهم البريء» الذي حققه أيوب بدري مع أحمد تلو ومحمد المرادي، وهم من الشباب الهواة المتحمسين للسينما، إذ استوردوا جهازاً صغيراً للتصوير السينمائي قياس 35 ميليمتراً صوروا به الفيلم في ظروف صعبة.

 

وعلى امتداد خمسة وثلاثين عاماً، أي بين إنتاج أول فيلم سوري وتأسيس المؤسسة العامة للسينما عام 1963، لم تنتج سورية سوى سبعة أفلام، تمثل مرحلة ذات صفات خاصة ينسحب عليها وصف المغامرات الفنية، والمبادرات الفردية، والمحاولات الجريئة وهي:

المتهم البريء (1928) إخراج أيوب بدري.

 

تحت سماء دمشق (1931) إخراج إسماعيل أنزور.

نداء الواجب (1936) إخراج أيوب بدري.

نور وظلام (1948) إخراج نزيه الشهبندر وهو أول فيلم سوري ناطق.

عابر سبيل (1950) إخراج أحمد عرفان.

الوادي الأخضر (1961) إخراج زهير الشوا.

لعبة الشيطان (1966) إخراج زهير الشوا.

 

المؤسسة العامة للسينما:

أُسست المؤسسة العامة للسينما في نهاية عام1963 وكانت خطوة متقدمة ومنعطفاً كبيراً في مسيرة السينما السورية. صدر عن المجلس الوطني لقيادة ثورة آذار مرسوم تأسيسي للمؤسسة العامة للسينما ينص على أن تنشأ مؤسسة عامة تسمى مؤسسة السينما، وتُربط بوزارة الثقافة والإرشاد القومي، وتكون لها الشخصية الاعتبارية والاستقلال الإداري والمالي ومقرها مدينة دمشق.

وقد ساهمت شركات الإنتاج الخاصة في دوران عجلة الإنتاج السينمائي السوري منذ عشرات السنين منها شركات لم يعد لها وجود، ومنها شركات ما زالت تعمل في المجال السينمائي.

 

عبر مسيرة السينما السورية الطويلة قدمت شركات الإنتاج السينمائي وقطاع الإنتاج والمؤسسة العامة للسينما أكثر من 350 فلماً سينمائياً طويلاً، وعدة مئات من الأفلام القصيرة والتسجيلية والوثائقية، وحققت الأفلام السورية في فترات مختلفة من هذه المسيرة عدداً من الجوائز لأفلام مميزة إضافة لجوائز الفنانين والفنانات والمخرجين في مهرجانات عربية ودولية مثل: مهرجان فالنسيا الدولي، مهرجان موسكو الدولي، مهرجان لوكارنو الدولي، مهرجان كان الدولي، مهرجان برلين، مهرجان معهد العالم العربي، أيام قرطاج السينمائية، مهرجان القاهرة، مهرجان دمشق، وحققت الأفلام السورية أكبر الجوائز.

 

ومن أفلام الجوائز نذكر:

حادثة النصف متر – محاولة عن سد الفرات – الحياة اليومية في قرية سورية – الفهد – نجوم النهار – سائق الشاحنة – الحدود – أحلام المدينة – السكين – القلعة الخامسة – الطريق إلى السلام – المطلوب رجل واحد – ليالي ابن آوى – الشمس في يوم غائم – التقرير – المغامرة – بقايا صور – كفر قاسم.

 

أما اليوم فتواجه السينما السورية بتاريخها الطويل والبعد الزمني لبدايتها والسينمائيين الرواد الأوائل الذين عملوا وواجهوا الصعاب في البداية من أجل إيجاد صناعة سينمائية في سورية قلة في إنتاج الأفلام السينمائية بسبب توجه عديد من المنتجين وشركات الإنتاج السينمائي السورية إلى إنتاج المسلسلات التلفزيونية بسبب النجاح الكبير التي حققته الدراما السورية على مستوى العالم العربي، ومع ذلك فإن السينما السورية اليوم تقدم أفلاماً (رغم قلتها) على مستوى راقٍ، وتحصد أفلام المؤسسة العامة للسينما الجوائز الأولى في المحافل والمهرجانات السينمائية، وهناك اليوم مخرجون وفنانون سوريون كبار وعلى مستوى عالٍ من الخبرة وجيل من الفنانين والفنانات الشباب لهم الحضور والشهرة يعملون على تسريع دوران عجلة الإنتاج السينمائي في سورية.

المزيد..